تحفل أروقة وساحات ملتقى #الشارقة للخط بمعارض كثيرة لفنانين مبدعين من كافة دول العالم، وتمثل هذه المعارض في كثير من قراءاتها مشهداً بصرياً، يحمل الكثير من الاختلاف والتنوع، الذي يثري فن #الخط العربي بوصفه من #الفنون الشرقية العريقة، وبوصفه أيضاً من الفنون التي حملت عبر تاريخها الطويل، الكثير من التطورات، سواء على صعيد الشكل أو التصميم، وهو الذي انتقل بالخط من كونه فناً كلاسيكياً يلتزم بالقواعد الصارمة المعروفة، إلى اعتباره مجالاً للإبداع من داخل الخط نفسه، وما يوفره من إمكانات لتشكيله أو تصميمه أو هندسته، وفقاً لبراعة الخطاط ورؤيته الجمالية والبصرية.
ما يتيح مثل هذا التنوع في تجربة الخط بشكل عام، وما هو معروض في الملتقى بشكل خاص، هو حقيقة أن الخط في الأساس هو فن مرئي، تلعب زوايا النظر المختلفة دوراً في بناء هياكله، أو تراكيبه الفنية، والخط كما تصفه الموسوعات الكثيرة المتخصصة، ينتمي إلى قائمة الفنون المرئية، وهي مجموعة الفنون التي تهتم أساساً بإنتاج أعمال فنية تحتاج لاستيعابها إلى الرؤية البصرية المحسوسة، على اختلاف الوسائط المُستخدمة في إنتاجها، وتشغل تلك الأعمال حيّزاً من الفراغ كالرسم والتلوين والنحت، كما أنها تتخذ شكلاً ما، وبالتالي يمكن قياس أبعادها بوحدات قياس المكان (كالمتر والمتر المربع) وهي بهذا تختلف عن الفنون الزمانيّة كالرقص والشعر والموسيقى، التي تقاس بوحدات قياس الزمن، ومصطلح الفنون المرئية، هو لفظ يشمل الفنون التشكيلية والفنون التعبيرية والفنون التطبيقية.
ما يجعلنا نعتقد بأهمية فن الخط، هو تلك الأصول الهندسية لهذا الفن، وهو بالتالي يتبع لمنظومة من المصادر والأساسيات التي لها علاقة بهندسة الحرف، الحرف في الخط العربي يحتاج إلى دراسة معمقة، تكشف عن الجذور التاريخية لهذا الخط من المنظور الإسلامي، وإذا أمعنا النظر في هذه الخلفية التاريخية والتراثية، فهي بالضرورة تضيء على ما هو عميق وروحي في المنظور الديني للخط العربي، وذلك لا يعني بأي حال الوقوف عند ثبات الشكل في الحرف، أو النموذج الذي اعتادت الخطوط العربية المعروفة أن تنجزها.
محاولات الخطاطين العرب والإسلاميين، كانت رائدة في إنجاز منظومة من الخطوط التي تلاقت مع المنجز الفني العالمي، وحركت كثيراً من قدرة هذا الفن على المزج بين المدارس الفنية المختلفة، صار الخط قابلاً للقراءة في متن اللوحة الحروفية، في أكثر من مستوى، كما صارت براعة الخطاط مهمة، لجهة رصد تحولات الخط وسفره بين الفنون المختلفة وقابليته لقراءة تعبيرية وواقعية وتجريدية، لا تقلل من أهميته كفن عربي وإسلامي عريق.
بقلم : عثمان حسن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق