24‏/02‏/2016

فنّ الإبرو .. الرسم على الماء


يعود أوّل رصدٍ لفن الرسم على الماء، الإبرو، إلى الدولة السلجوقية (1037-1194)، والتي حكمت مساحات واسعة من #آسيا، ومن ثمّ تم نسب اختراع هذا النوع من #الفن للأتراك أو #الفرس أو التركمان أو حتى الصينيين.
كلّ ذلك كانت تدعمه الروح الفنية التي تدب في لوحات الإبرو القديمة والحديثة على حدّ سواء، دون الإشارة إلى مخترع بعينه، أو حادثة محددة تكشف نشأة الفن وأصله القومي. وهذا الفن لم تعرفه أوروبا، إلا بعد اتصال القارة الأوروبيّة بالدولة العثمانية.
يشكل الرّسام لوحته على وجه #الماء أوّلاً، ثم تطبع الرسمة على ورق مرمري خاص. وللفظ “الإبرو” معانٍ متعددة، فهو بالتركية يعني حاجب العين والورق الملون والمجزّع، أو #القماش الملون بألوان مختلفة بشكل مموج يشبه حاجب العين، وكانوا يستخدمونه قديماً في أغلفة #الكتب والدفاتر. كما أنه في الفارسية يعني الغيوم أو السحاب. وصار يعرف في الإنجليزية بـ Water Marbling.
تقوم تقنيّة الإبرو على إنشاء أنماط ملونة في وعاء معدني بحواف ملساء تسمح بمرور الورق دون خدوش، ويتم الرسم داخل ماء مكثف عبر الرش والتفريش، بعدها تطبع الأشكال إلى الورق. الماء المستخدم عادةً يكون ماء مقطراً، يتمُّ تكثيفه عن طريق مادة “Kiter”، حتى لا تختلط الألوان.
وفرش الرسم والتلوين تُصْنَع عادةً من ذيل الحصان مع بعض الإبر والفرش البلاستيكية. أمّا الألوان، فيجب أن تُصنَع حصراً من أكاسيد معدنيّة طبيعيّة. في حين يشترط في الورق المستخدم أن يكون مقاوماً للبلل، ويسمى الورق أحياناً “ورق الأجار”، ويتكون من خليط من النشادر وبياض البيض حتى يمتص المادة الصمغية، ويسهّل من عملية الرسم.
يقوم الفنّان بتشكيل أرضيّة اللوحة، بعدها يقوم بإضافة قطرات من الأصباغ المتوفرة لديه، ثم يستخدم الإبر المسننة في تشكيل وتحريك القطرات، للحصول على الأشكال المطلوبة.
تتعدَّد أنواع الإبرو، فيوجد، مثلاً، “بطال إبرو”، والذي يعود لمقاس قماش معين. و”شال إبرو”، والذي يشبه في نقشه حجاب #النساء.  و”تراكلي إبرو”، ويعني الإبرو المُمشَّط. و”كومولو إبرو”، ويعني المرمَّل. و”إبرو مزهر”، وذلك نسبة الزهور والنباتات. و”عكاسي إبرو”، وهو نقش مرخم من الخارج وفارغ من الداخل، ويستخدم في كتابة النصوص والأشعار والآيات. كما يوجد نوع منسوب إلى شخص يدعى، خطيب محمد أفندي، ويطلق عليه “خطيب إبرو”. ومؤخَّراً، دخلت تقنية الإبرو في مجال النقش على #الأظافر .
بدأ الاهتمام بفن الإبرو يأخذ حيّزاً كبيراً من الاهتمام، حيث تكثُر ورش تعليمه ومعارضه في عدد من العواصم العربية كالقاهرة والدوحة ودبي، علماً أنّ انتشار هذا الفن في العالم العربي بدأ مؤخّراً. ويذكر أن أوَّل مؤتمر دولي خاص بالفن أقيم في إسطنبول عام 1997. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2014، أدرجت منظمة “اليونسكو”، فن الإبرو على قائمة التراث العالمي الثقافي غير المادي باسم #تركيا .




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

«كتاب الفنان»... تجليات بصرية من وحي تراث «عميد الأدب العربي»

  يفتح معرض «كتابُ الفنان» آفاقاً فنية تقتفي تراث ومشروع «عميد الأدب العربي» الراحل طه حسين، وذلك من خلال أعمال تتخذ من «الكتاب» قالباً فنيا...