قد يعتقد البعض أن #الكلام ليس فناً و #الحديث ليس علماً ، فيقول كل من يشاء ما يريد أن يقوله ، لكن #الحقيقة الخفية هي أن من أعظم الملكات التي يهبها الله للبعض هو فن الكلام ، فقد قال الإمام على بن ابي طالب ، رضي الله عنه وأرضاه :-” الرجال صناديق مغلقة مفاتيحها الكلام “، كما قال الفيلسوف #سقراط : تكلم حتى أراك !!، ومن أهم العلوم التي يجب أن تدرس للناس بشكل عام وللخاصة بشكل خاص هو علم الحديث ، ماذا تقول ؟ ومتى تقوله ؟ وأين تقوله ؟ وبأي شكل تستطيع أن تعبر عن محتوى تلك الكلام وخلاصة هذا الحديث ، ومتى تصمت ، أو تقول خيراً ، وكيف تحمى معانيك المختلفة وصياغاتك التي قد تفهم بأكثر من طريق ، كيف تنقد دون هجوم ، وكيف تهاجم دون سباب ، وكيف تحلل دون مواربة ، وكيف تواجه ، دون تراجع ، فقد تضع كلمة واحدة في سياق حوارك ، تكون هي #الحماية التي قد تحمي بلاغة حديثك ومنطق كلامك ، وقد تهمل كلمة واحدة تضعك خلف أسوار الحياة ، بل خارج الدنيا ، أو داخل السجن ، ولذلك ، فلا يمكن أبداً أن تنجح #الموهبة مهما إن وصلت لذروة إبداعها دون أن تكون مالكة لهذا الفن أو على الاقل يحاط بها نوعاً من هؤلاء #البشرالموهوبين الذين يعرفون كيف يعبروا عنها بفن الكلام وعلم الحديث ، وما أكثر الأمثلة التي لو عدنا للتاريخ من أهل #الفن و #السياسة وما شابه ذلك ، لإكتشفنا أن نجاحهم الحقيقي كان من أهم أسبابه فن الكلام وعلم الحديث ، فعبد الحليم حافظ مثلاً ، أتخيل أنه حتى ولو كان بائعاً للجرائد لكان أشهر من يبيع #الجرائد في مصروأقربهم للناس ، فقد كان يملك فن الكلام وعلم الحديث ، فقد ملك الكاريزما ، والذكاء اللاإرادي الأوتوماتيكي للبشر ، فتراه يرد في لحظة بكلمة واحدة تجعل الكل مبهوراً بذكائه وبإجادته فن الكلام وعلم الحديث ، ومن منا لم ينبهر بحديث السادات الذي كان من أهم أسباب تفوقه السياسي ، كيف كان يتحدث بثقة شديدة وبحروفاً مضغوطة مقصودة بإتقان ، فيكون الكلام وكأنه ملعباً لكرة القدم ، يرمي بهذه الكلمة لإحراز هدفاً ما هنا ، ويرمي بمعنى هناك لتغيير شكل ملعب الحوار السياسي ، وخاصة أنه كان من أشد المميزين في حرفنة الوقت المناسب ، فقد كان يملك “إستوب ووتش” ذهنياً دقيقاً للغاية ، فعرف متى يعلن عن إستعداده لزيارة إسرائيل نفسها ، عرف متى يقول للناس بعد وفاة عبد الناصرفي عز صدمتهم ، أنه لو كان عبد الناصر قد مات ، فكلنا عبد الناصر ، بهذه الجملة البسيطة إستطاع أن يتحول لساحر ، ويجعلهم جميعاً لا يروا أمامهم السادات في هذه اللحظة التي كانوا يرفضوه فيها ، بعد وفاة ناصر ، بل بالإيحاء النفسي وجدوا أنفسهم يجلسون أمام “عبد الناصر” الجديد ، وهناك من الأمثلة والشخصيات الكثيرة التي لن ننتهي أبداً من سردها ، ومنهم ، أم كلثوم ، وعبد الوهاب ، والرئيس جمال عبد الناصر ، مصطفى الفقي ، المستشار عوض المر ، السياسي عمرو موسى ، إبراهيم الفقي ، الشيخ محمد متولي الشعراوي ، صفوت الشريف ، وإن كان من يمتلك هذه الصفات يصل للملايين بكل حب وتقدير ، فالأخطرمن ذلك هو من يفقتد لهذه الأشياء الثمينة من فن الكلام وعلم الحديث ، فيقعوا في المحظور ، والأمثلة المتداعية كثيرة ومنهم المطربة الراحلة ذكرى والتي أخطات يوماً ما في التعبيرللدرجة التي أهدر دمها بعد هذا الخطأ مباشرة ، عندما وصفت نفسها قائلة وصرحت في عام 2002 وقالت أن معاناتها تشبه معاناة الرسول عليه الصلاة والسلام في رحلته في نشر دعوته الإسلامية ، مما جعل الشيخ ابراهيم الخضيري القاضي في المحكمة الكبرى بالرياض يدعو لإقامة الحد الشرعي عليها ، والذي يقضي بتنفيذ عقوبة القتل عليها ، ويبدو أن #القدر قام بتنفيذ هذه العقوبة بعد مقتلها على يد زوجها في مذبحة سراي #السلطان ، كما رأينا أخيراً كيف سقط بفعل الكلام الإعلامي توفيق عكاشة ، وكيف وقع وزير العدل المستشار الزند ، في قبضة أعدائه ، لمجرد أن خانه لفظاً واحداً ، رغم عدم مقصده لهذا أبداً ، ومن قبله سقط كذلك وزير العدل السابق له #المستشار محفوظ صابر، الذي إفتقد لفن الكلام وعلم الحديث ولباقة الشخصية العامة عندما قال الحقيقة التي لم يكن من الحنكة أن يقولها ، رغم أنه قال ما يحدث بالفعل ، فهل سمعتم عن ابن بواب أصبح قاضياً إلا في الأفلام التي عبرت عن ثورة 23 يوليو1952 فقط لاغير ، ومع ذلك ورغم أن الكل يعرف أنه على صواب ، تمت إقالته لما صرح به من كلاماً ، وكذلك كلنا نعرف هذه المطربة الموهوبة للغاية ” شيرين عبد الوهاب ” فهي تملك إحساساً عالياً فائقاً ، لكنها في فتراتها الأخيرة خسرت الكثير من جمهورها لأنها تفتقد لفن الكلام ولعلم الحديث ، فلا أحد منا يختلف على موهبتها الموسيقية والغنائية ، لكنها ، تحتاج إلى فن الكلام وعلم الحديث ، تحتاج لخبرة حياتيه تتخذ من خلالها قرارات صحيحة وسليمة وهادفة ، أو تحتاج لمجموعة متميزة من المستشارين ، لذلك فرغم موهبة شيرين الكبيرة التي لا يستطيع أحداً أن يجادل فيها ، إلا إنها تفتقد لعقلية حليم ، لذلك فقد تنتهي موهبة شيرين قريباً ، بنفسها لنفسها ، فلم يصدق أحداً إعتزالها ، فإعتزالها كان كمثل كذبة إبريل ، الكذبة البيضاء التي تنقي بها ثوبها الأبيض الذي تلوث بفعل سلوكياتها للون الكاروهات ، فلم يصدق احداً إعتزالها الذي كان يشبه حديث أشرف زكي عن إستقالته وهاني شاكروتخليه عن النقابة ، وتامر عبد المنعم الذي قال أنه قد إعتزل الفن وهو يوقع عقد فيلمه الجديد لدى السبكي ، كل هؤلاء إفتقدوا فن الكلام وعلم الحديث ، كل هؤلاء يذكرونا بمن يطلي الحائط بألوان زاهية وجميلة ، لكن الحائط نفسه بالمبنى آيل للسقوط إن لم يسقط بالفعل من الأساس !!! . ينقص الكثيرين من فناني مصر وسياسيها ، بل والكثيرين من شخصياتها العامة ، أن يملكوا فن الكلام أو علم الحديث ، لباقة الكلمة وبلاغة الإحساس ، ذكاء المعنى ، أوما بين السطور من لغة خفية ماكرة ساحرة ، أو يجدوا أمثال مصطفى أمين وهيكل وإحسان عبد القدوس ، لأخذ الإستشارات المجانية وليس الإستشارات التي يطبقها الآن عدد من الصحفيين ممن يسمون انفسهم المكتب الصحفى للفنان ، فهناك فرق كبير بين من يفكرلك وبين من يجمع قصاصات الأخبارلك ويحدد مواعيدك للمؤتمرات الصحفية والسلام !!!، لذلك فالكلام فن ، والحديث علم ، والتعامل مع الآخر ملكة لن تجدوها إلا في الفلتات المصرية والعربية المختلفة والعظيمة .
بقلم / هشام أبو سعده
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق