14‏/02‏/2016

قطّاع الحياة


قطّاع #الطرق لصوص وجدوا منذ القدم، يترصدون المارّة والقوافل في الطرق ليأخذوا ما معهم بالإكراه والترهيب. في هذا #العصر الذي تطور فيه #العالم كثيراً لم يعد في بلادنا قطاع طرق بالشكل المتعارف عليه قديماً، وإنما هناك قطّاع حياة!
هؤلاء الذين يتغلغلون باسم #الدين في مسامات ومفاصل بلادنا بمباركة مؤسسات #الدولة يحشدون #الجمهور ويطفئون في البدء #الأضواء لتغشى بصائر الناس عتمة أفكارهم، ثم يحشون عقولهم بالخرافات والفتاوى وتفاسير #الأحلام، مكدّسين في قلوبهم مشاعر الغل لكل العالم سواهم، ينسجون من #الكذب للناس حقائق كثيرة، يفسّرون الدين ونصوصه وفق رؤاهم الضيقة المشحونة بالكراهية والغضب والتكفير، يقتلعون أشجار الحياة ويزرعون مكانها ثقافة الموت وعذاب القبور رغماً عن الحياة!
يُرفع لأجلهم الستار على خشبة المسرح لتصفق لهم الحكومة بعد كل عرض رخيص، عرض يبيعون فيه أوهاماً للناس ليستفردوا هم بالحقيقة، حقيقتهم القابعة خلف الكواليس وحقيقة مسرحياتهم الملهاة، تلك التي يشغلون بها الناس بسفائف الأمور عن الأمور الكبيرة، والتي يغرسون في نفوس الناس من خلالها ثقافة الخوف بدلاً من المحبة، والشك والسيئ من الظنون بدلاً من النوايا الحسنة والطيبة، مسرحياتهم التي يستبدلون فيها بالسلام #الحرب، وبالحياة الموت، وبالتفكير كل صور التكفير.
قطّاع #الحياة ينصّبون أنفسهم وكلاء الله في #الأرض، وحراساً للدين، وحماة للفضيلة، ليتيسّر لهم السيطرة على الناس وانسياقهم وراءهم خوفاً وترهيباً بلا أدنى تفكير. نراهم بذلك يكنزون من أطايب الحياة كل ما تطوله أيديهم وتشتهيه رغباتهم، يكدّسون الثروات تاركين الناس يدورون حول أنفسهم بجيوب خاوية وعقول مغيّبة ونفوس بالسخط والكره مشحونة بعد أن صدقوا كذبهم وصفقوا لهم كثيراً!
قطّاع الحياة ومجاميعهم تتصدر صورهم وتصريحاتهم وسائل الإعلام والفضاء الإلكتروني، يحصدون التبرعات من أصحاب النوايا الطيبة ليزرعوا بها الألغام هنا وهناك ليغتالوا بها في الحياة كل الأنغام، يخرسون الموسيقى وينحرون الفنون ويذبحون الكتب ويمسخون المناهج لمزيد من التغييب والتجهيل.
قطّاع الحياة يكرسّون ثقافة الشك بين الذكر والأنثى، الأنثى التي يطيب لهم تشييئها خوفاً وتوجساً وإشباعاً لغرائزهم، هؤلاء الذين أفسدوا الهواء النقي في بلادنا وأعطبوا رئاتنا ما زالوا مستمرين في محاولاتهم باسم الفضيلة لشطر الحياة بما فيها خلافاً للفطرة إلى نصفين!
الذين سلّموا عقولهم وقلوبهم إلى قطّاع #الحياة ، ستصحون اختناقاً ذات يوم ولن تجدوا الهواء.
الله محبة، ومن يحمل حب الله في قلبه لا يحتاج إلى تخويف وترهيب، من يحمل حب الله في قلبه لا يحتاج إلى وكيل ووسيط.

مقال من القبس للكاتبة : أسيل عبدالحميد أمين



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

«كتاب الفنان»... تجليات بصرية من وحي تراث «عميد الأدب العربي»

  يفتح معرض «كتابُ الفنان» آفاقاً فنية تقتفي تراث ومشروع «عميد الأدب العربي» الراحل طه حسين، وذلك من خلال أعمال تتخذ من «الكتاب» قالباً فنيا...