09‏/10‏/2016

فن العيش ببساطة !



المينماليزيم أو " العيش ببساطة" (minimalism) هو بأبسط التعريفات؛ أن يتأقلم المرء على العيش بأبسط الأشياء، وأن يرضى بأقل الكميات، فلن يكون هناك داع لامتلاك العديد من الأشياء، أو داع لامتلاك المنازل، ولا امتلاك سيارة، أو تلفزيون فخم، المينماليزم تعني أنه يمكن العيش بسعادة بدون امتلاك كل ما يمليه عليك العالم أن تمتلكه وأنت بالفعل لا تحتاجه.
هل تخيلت أنك لا تحتاج مجال عمل محدد لتكسب رزقك منه؟، أو أنك بالفعل لا تحتاج للمعيشة في المدن الكبرى والأحياء الفاخرة، بل من الممكن أن تعيش ببساطة في مدن ومناطق لا يستطيع الكل نطق اسمها بسهولة.
التبسطية هي إحدى الوسائل المعارضة لجشع العصر الذي نعيشه الآن، وهي إحدى الوسائل التي تحدد من شهوتنا تجاه المنتجات في العالم الرأسمالي المهيمن علينا الآن، فهي عكس كل ما نراه من إعلانات يومية، وحملات إعلانية في التلفزيون والردايو، فنحن حرفيًا نلتهم كل ما هو استهلاكي، ونعيش في فوضى مادية، ونحب أن نكون محاطين بالضوضاء والشهرة، فيبدو أن ما ينقصنا فعلًا، هو إضافة معنى معنوي لحياتنا أكثر مما هو مادي، وهذا ما تدعو "التبسطية" إليه تمامًا.
إذا قررت تطبيق مبدأ "التبسيطة" في حياتك، فاعلم أنك ستقوم بالتركيز على كل ما تحتاجه بالفعل، وستلقي بمئات الأشياء التي لا تحتاجها، فعلى الرغم من زعم البعض أن التبسطية هي وسيلة لفرض القيود على البشر، إلا أنه في واقع الأمر وسيلة يمكنها أن تحرر الإنسان من قيود وهمية قيّد بها نفسه بالفعل بدون وعي منه.
تعلمك التبسطية المباديء التالية :

كل ما كان قليلًا يكفي أكثر
عليك أن تفهم أن تبني مبدأ "التبسطية" في حياتك يعني التقليل دومًأ، وهذا لا يعني شيئًا سيئًا قط، فالقليل من الأثاث داخل المنزل يعني القليل من الجهد للتنظيف مع الكثير من استغلال وقت التنظيف في أشياء أخرى، والقليل من شراء المشتروات التي لا يحتاجها المرء يجعل في جيبه المزيد من المال الذي يمكنه استغلاله لتمويل خطط أخرى.

التبسطية تعني المزيد من الحرية
لا يؤمن الكثير بهذا المبدأ، إلا أنه يستطيع البعض التنفس بطريقة أفضل إن كان المنزل لا يحتوي على أشياء كثيرة لا حاجة لها، أو إذا تم التخلص من كل ما لا قيمة له في الخزانات وتقليل الكميات إلى أدنى مستوياتها، كما أن التبسطيين يحبون دومًا عدم التعلق بالأشياء، لذا يجدون أمر فقدان الأشياء المادية أمرًا عاديًا بالنسبة إليهم، فهم يحبون دومًا التخلص من الأشياء، ويعتبرون أن في الفقدان حرية، حرية من الديون والتعلق والطمع.

التبسطية من أجل التركيز على الصحة وممارسة الهوايات
تمنحك التبسطية خيارات أخرى غير التسوق في أكبر المحلات التجارية، وقضاء معظم الوقت بين الإعلانات وعارضات المحلات الزجاجية، حيث توجه التبسطية خياراتك إلى المزيد من قضاء الوقت على مستوى العلاقات الاجتماعية أكثر من قضاءه مع المنتجات والأشياء المادية، كما تجعل الإنسان يفضل قضاء الوقت في الأماكن الطبيعية، وأن يبعد كل البعد عن كل ما هو إصطناعي بحت ومزيف.

التقليل من التركيز على التملك
يشتري المال الراحة وليس السعادة، وعندما يحقق المال راحتك يجب على دور الهوس بالامتلاكية هنا أن ينتهي، وإلا فإنه سيتحول من مجرد وسيلة لشراء الراحة، إلى وسيلة للبحث عن السعادة الوهمية التي لم يصل إليها أحد، فيتحول المال من وسيلة إلى غاية، وهنا يأتي دور "شهوانية المنتجات"، التي تلعب عليه الرأس مالية بكل أريحية، من أجل تحويل البشر إلى آلالات للصرف فقط.

عدم الخوف من الفشل
يمتلك التبسطيون ميزة تجعلهم في منتهى الرضا عن النفس، ألا وهي أنهم لا يخافو أبدًا من الفشل، لأنهم ليس لديهم ما يخسروه، وهذا ما يجعلهم في حالة سلام مع النفس يفتقدها أغلب البشر الذين يبحثون عن مزيد من الأموال ومزيد من السلطة ومزيد من التملك، فهم يخافون الفشل حد الموت، ولا يسمحون له أن يحدث في حياتهم ولو كلفهم ذلك الحياة مع الضغط العصبي المستمر.
لا يعني ما سبق أن امتلاك الأشياء وفلسفة الشراء كلها خاطئة، ولكن يعود الأمر في النهاية إلى قيمة المعنى الذي يضعه الفرد حين شراءه لما يريد، وهل يشتري الفرد ما يحتاجه بالفعل، أو يشتري ما تمليه عليه الإعلانات أن يشتري، فالتبسطية ما هي إلا التقليل من التعلق بالأشياء، والتقليل من حب التملك من أجل التملك و إظهار المستوى الاجتماعي في كل ما يرتديه المرء على جسده أو كل ما يستخدمه من أدوات.
إذا أمكن لنا تلخيض التبسطية في عبارة واحدة، فيمكننا أن نقول بأن التبسطية هي التركيز على كل ما هو مهم بدلًا من التركيز على كل ما هو فائض ، و ذلك من أجل مزيد من التحرر، ومزيد من السعادة الحقيقية.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

«كتاب الفنان»... تجليات بصرية من وحي تراث «عميد الأدب العربي»

  يفتح معرض «كتابُ الفنان» آفاقاً فنية تقتفي تراث ومشروع «عميد الأدب العربي» الراحل طه حسين، وذلك من خلال أعمال تتخذ من «الكتاب» قالباً فنيا...