02‏/04‏/2015

حب الحياة

شاع عن ديننا حبه الشديد للموت، والقتال، فدائما ما يستشهد البعض بقول الصحابى خالد بن الوليد "جئتكم بقوم يحبون الموت كما تحبون أنتم الحياة" متخذين منها شعارا للحياة وياله من خطأ كبير. أنه لمن أعظم الخطأ أن أتخذ مما قاله صحابى فى ساعة حرب لقائد جيوش العدو ليغظة ويبث الرعب فى قلبه شعارا للحياة.
فالله جل شأنه خلقنا لنعمر الارض وعمارة الارض لا تكون الا بالحياة، خلقنا مختلفين لنتعارف، والتعارف لا يكون الا بالحياة. لماذا نستلذ بألباس الدين ثوب السواد، كيف نريد لغيرنا أن يؤمن بديننا لان فيه صلاح حال الدنيا والاخرة ونحن أول من ذهب به بعيدا عن شؤونها.
لماذا لا نعرف من تاريخ الاسلام الا لحظات القتال والحرب، لماذا لا نعرف أسماء المخترعين والمفكرين كما نعلم أسماء القادة العسكريين والمعارك وعدد القتلى من الطرفين. أعلم بأن للحرب و النصر عزة، ولكن للعلم وللفكر عزة وفخر. ذهبت أرض الاندلس ولكن بقيت علوم الاندلس وحضارة الاندلس وروح وتسامح الاندلس، الى يومنا هذا نتفاخر بها ونستخدمها كدليل على تسامح وسعة أفق ديننا وأنه لا يتعارض مع العلم، فلازلنا نتفاخر بانجاز أنتهى منذ ٥٠٠ عام.
لا أريدها دعوة للدنيا وللخوف، ولكن من السفة أن يحيا المرء حياته فى أنتظار لحظة القتال سعيا ورائها بكل ما أوتى من قوة. أمرنا رسول الله قائلا: "لا تتمنوا لقاء العدو وأسئلوا الله السلامة" ولكن إن أتى هذا اللقاء "فلا تولوا الادبار" ولا يكون موقفنا الا كما قال سيدنا سعد بن معاذ "فوالذى عثك بالحق لو خضت البحر لخضناه معك وما تخلف منا رجل واحد".
الدنيا جناح والاخرة جناح من طار بإحداهما سقط، ومن طار بهما نجح، وديننا جاء لإحياء الدنيا والدين. إن كتبت علينا الحياة فلنحيها كريمة وإن كتب علينا الموت فلتكن ميتة كريمة. نحن كمسلمون نحب الحياة لانها نعمة من الله ونحب الموت لانه قضاء الله وكل ما قضى الله به خير.
فعن أبى هريرة أن رجلان من حى قضاعة أسلما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستشهد أحد الرجلين، وأخر الاخر سنة. قال طلحة بن عبيد الله: فرأيت المؤخر منهما أدخل الجنة قبل الشهيد، فتعجبت لذلك. فأصبحت فذكرت ذلك للنبى فقال "أليس قد صام بعده رمضان؟ وصلى ستة الاف ركعة و كذا وكذا ركعة فى هذه السنة، فما بينهما أبعد مما بين السماء و الارض".. [رواه أحمد].
وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال: "الا أنبئكم بخياركم؟" فقالوا نعم، قال "خياركم أطولكم أعمارا، وأحسنكم أعمالا".. [رواه أبن حبان].
الحياة يمكن أن ينظر لها كسلم نرتقى به إلى أعلى درجات الجنة، لن يفلح فى الاخرة الا من أفلح سعية فى الدنيا، إن كانت الاخرة أمتحان، فالدنيا هى وقت المذاكرة و الاستعداد، من منا يكره هذا الوقت !... فالاسلام علمنا أن نحب الحياة.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

«كتاب الفنان»... تجليات بصرية من وحي تراث «عميد الأدب العربي»

  يفتح معرض «كتابُ الفنان» آفاقاً فنية تقتفي تراث ومشروع «عميد الأدب العربي» الراحل طه حسين، وذلك من خلال أعمال تتخذ من «الكتاب» قالباً فنيا...