09‏/03‏/2015

الحياة بالفن «أبيض وأسود».. كشفٌ للمعنى وعزفٌ على نقيضه


 
بقلم :  أحمد نبيل خضر

«الأسود» غياب لكل الألوان، #الحزن و #الموت ، ولمحبي السلطة رمز الاعتداد بالنفس، هو #الحداثة والتعقيد، #الأناقة والثروة، الغموض والموضة، الشر والتمرد.. «الأبيض» حضور لكل الألوان، الطهارة والنقاء، ولون الزهور الملقاة على جثمان كل فقيد، التبجيل والصدق، الثلج والسلام، البساطة والأمن، البرودة والاستسلام، الفراغ والود.
لسنا بصدد تقديم مباراة شطرنج في #الصين، ولا تعتقدوا أننا نجهز سهرة تجمعنا وأفلام علي الكسار، اعتبروها الحياة بالفن، كوصفة فرعونية قديمة، أو رحلة داخل مركز الجزيرة للفنون، نتجول وسط لوحات النسخة الثالثة من صالون «أبيض- أسود»، التي انطلقت مؤخرًا.
انطلقت الفعالية فكرمت عددًا من رموز الحركة التشكيلية المصرية، في مقدمتهم الراحلان عبد الهادي الجزار وخلف طايع، وضيف الشرف الراحل محسن شعلان، والفنان القدير محمد رزق، إضافة إلى الفنانة نادية سري تقديرًا لمشاركتها المتميزة في بينالي الإكوادر الدولي الخامس، وحصولها على جائزته الأولى.
قص الدكتور أحمد عبد الغني، رئيس قطاع #الفنون التشكيلية، الشريط الوردي للمعرض، ليعلن عن افتتاح الصالون، بصحبته الدكتور محمد عفيفي، رئيس المجلس الأعلى للثقافة، الذي حضر بالإنابة، بعد اعتذار وزير الثقافة.
الحدث تابعته وسائل الإعلام ربما ليست فقط العربية، ووجده ممثل الحكومة المصرية عن الفن التشكيلي فرصة لتبادل الكلمات الحزينة، فنعى «عبد الغني» الفنان الدكتور محمود شكري، الذي رحل وزوجته في حادث سيارة مأساوي الأسبوع المنصرم، واستغله ليعلن عن الاستعداد لإقامة معرض لتكريم الفنان الراحل، يضم أعماله من مقتنيات القطاع.
لعل رواد #الصالون اشتاقوا لرائحة الألوان، إحساس #الحب والغريزة وحضور الذات في اتحاد الأحمر مع الأبيض، أو الحكمة والذكاء وإنجاز القول في اجتماع الأصفر والأزرق، لكنهم اكتفوا بالعزف مع النور والظل لاكتشاف المعنى ونقيضه، واستعرض أمامهم نحو 150 فنان تشكيلي أكثر من 250 عمل فني، وحضرت اللوحات الزيتية بعدما أتاح لها المنظمون المشاركة ما أكسب الصالون تنوعًا في الأفكار والأساليب.
على جدران العرض تقبع إحدى أعمال فنان البورترية الراحل خلف طايع، الذي قال عنه الكاتب الموسوعي الراحل أحمد بهجت:«حين نتأمل لوحات طايع نجد أن الأشكال الهندسية بألوانها تسبح في سكون وعزلة، وتغتسل بضوء حالم يوحى أنه نابع من داخلها، هذا الضوء غير الواقعي يضيف إلى المشهد حلمًا ينتسب إلى الماضي أو اللا زمان، وفى كل لوحاته يلعب البحر الساكن دور البطولة، ويرمز إلى الامتداد اللا نهائي أو المطلق، مثلما يرمز لاكتشاف مدينة عريقة هي مدينة #الإسكندرية ، حيث ولد #الفنان ».


بسهولة ستتعرف على لوحات عبد الهادى الجزار، الذي ارتبط وعيه الفني بالعمال والفلاحين وأبناء الطبقات العاملة، على اختلاف أحوالهم، إذ سخر ريشته للتعبير عن أحلام وآمال تلك الطبقات الكادحة، معلنًا انحيازاته الواضحة لهم، من خلال لوحاته التشكيلية المعبرة بأبعادها الإنسانية واللونية الثرية.
أما المنتمي للمذهب التشخيصي، ورمز شرف الصالون، الراحل محسن شعلان، فبالنظر إلى لوحاته ستكتشف ولعه بالتعبيرية واستخدام الرمز الأدبي، فضلًا عن الوجوه عنده ذات الطابع المأساوي، إذ تناول الحياة الشعبية متأثرًا بوجه الإنسان في جميع أعماله، ولا يخلو له عمل من وجود الإنسان، باستثناء معرضه «الخماسين»، فالضبابية غلبت على لوحاته، الدوامات والرياح أخفت معظم التفاصيل الفنية التي كانت الأبرز في المرحلة الشعبية للفنان ابن حي بولاق.


النسخة الثالثة للصالون تجعله في مصاف #المعارض العالمية، ويرفع من شأنها إندماج أعمال الشباب الفنية بأعمال بعض من رموز الحركة التشكيلية المصرية، واستمرارها استقبال الزائرين حتى انقضاء الثلث الأول من مارس المقبل، تجعل فرصة الاستمتاع أكبر لدى جمهور الأعمال الفنية القيمة والممتعة، ليدعو كل منهم نفسه لجولة تجمع أعمار ومدارس فنية متنوعة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

«كتاب الفنان»... تجليات بصرية من وحي تراث «عميد الأدب العربي»

  يفتح معرض «كتابُ الفنان» آفاقاً فنية تقتفي تراث ومشروع «عميد الأدب العربي» الراحل طه حسين، وذلك من خلال أعمال تتخذ من «الكتاب» قالباً فنيا...